تشمل العوامل التي تعيق توسع مشاريع الطاقة المتجددة ضعف البنية التحتية القائمة للشبكة في العديد من المناطق، خاصة النائية منها التي تتمتع بأعلى قدرات الطاقة المتجددة، وعدم الاستقرار السياسي، والافتقار إلى الالتزام الحكومي بمشاريع الطاقة المتجددة، وبطء عمليات حيازة الأراضي وإصدار التصاريح، وتقديم بعض الدول للدعم لاستهلاك النفط والغاز، والحاجة إلى موارد مالية كبيرةً جدًا لإنجاز مشاريع كبيرة في مجالات الطاقة المتجددة.
وعلى الرغم من كل ذلك، تمّ إحراز تقدم مؤخرًا في هذا السياق، إذ أعلنت ناميبيا عن مشروع الهيدروجين الأخضر بقيمة 9.4 مليار دولار أمريكي، والذي يتضمن استثمارات كبيرة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج في عام 2026. وبالمثل، جرى التعهد بتقديم 8.5 مليار دولار أمريكي في الدورة السادسة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ بغية دعم مسار تطوير المشاريع منخفضة الانبعاثات في جنوب أفريقيا. كما وضعت كينيا والمغرب ودول مختلفة في الشرق الأوسط خططًا لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة، والتوسع جزئيًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر. أما في المملكة العربية السعودية، فقد أعلنت الشركة السعودية لشراء الطاقة مؤخرًا عن خمسة مشاريع جديدة لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة بقدرة إجمالية تبلغ 3.3 جيجاوات. وانسجامًا مع خطط المملكة لتحقيق اقتصاد بصافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050، فقد أعلنت الحكومة نيتها استثمار 100 مليار دولار أمريكي في مشاريع الطاقة المتجددة.
على الرغم من اختلاف التحديات في أوروبا، إلا أن الوصول إلى الطاقة المتجددة على نطاق واسع لا يزال محفوفًا بالمشكلات أيضًا. وهناك منافسة شرسة للوصول إلى الطاقة المتجددة، نظرًا لأن حصتها من مزيج الطاقة الكلي محدودة فيما يقرب من 20%. ومما يزيد الطين بلة أن العديد من العراقيل تعيق توسع الطاقة المتجددة في أوروبا، خاصة تعقيد إجراءات الحصول على الموافقات اللازمة، وطول دورات المشاريع، ومحدودية البنية التحتية للشبكة، والانخفاض المستمر في توافر مواقع ممتازة للمشاريع الاستثمارية. وفي الآونة الأخيرة، طرحت الحكومة الألمانية مناقصة لتوليد 1,320 ميجاوات من الطاقة من الرياح الشاطئية. لكن المنافسة استقطبت ما مجموعه 87 مشروعا فقط بطاقة إنتاجية بلغت 772 ميجاوات. ومع أنه يمكن تحقيق كل هذه المشاريع الآن، إلا أنها لا تمثل سوى ما يقرب من 60 في المئة من حجم الطاقة المطلوب في المناقصة، مما يبين أن ارتفاع أسعار المواد الخام وطول دورات المشاريع وإجراءات إصدار الموافقات اللازمة كلها عوامل تعيق توسيع مشاريع توليد الطاقة من الرياح على وجه الخصوص. ومما لا يثير الدهشة، أن الرئيس التنفيذي لمجموعة "ويند يوروب" والرؤساء التنفيذيين لخمسة من أكبر الشركات الأوروبية المصنعة لتوربينات الرياح وجهوا خطابًا إلى أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، يوضحون فيه أنه على الرغم من زيادة مشاريع طاقة الرياح في أوروبا، إلا أن تعقيد التراخيص يحد من الطلب على توربينات الرياح، مما يؤدي إلى منافسة قوية على الأسعار وإغلاق المصانع.
كيف يمكن للشركات أن تكون داعمة للطاقة المتجددة؟
لابد من حشد غير مسبوق للجهات المعنية في القطاع ومن استثمارات ضخمة تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات سنويًا لزيادة قدرات الطاقة المتجددة. وحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، يجب زيادة قدرة الطاقة المتجددة بأربعة أضعاف بحلول عام 2030 مقارنةً بالمستويات الحالية من أجل الالتزام بمسار 1.5 درجة حرارة مئوية.
يُمكن لكل شركة، بل يجب عليها، أن تؤدي دورها في جعل هدف وقف الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة حرارة مئوية ممكنًا. يجب على الشركات إعادة النظر في ترتيبات إمداداتها من الطاقة واستهلاكها ومشترياتها، وتحديد حلول فعالة من حيث التكلفة للحد من استهلاكها للطاقة بشكل فعال، والتعامل مع موردين يعتمدون على الطاقة المتجددة كلما أمكن ذلك.
كما يجب على الشركات دراسة ما إذا كانت لديها الفرصة لإنشاء مرافق الطاقة المتجددة الخاصة بها. يتعين إيجاد مساحة للأنظمة الكهروضوئية أو الشمسية على أسطح معظم المباني المكتبية ومنشآت الإنتاج والمستودعات. علاوة على ذلك، يمكن لبعض الشركات الوصول إلى مساحات واسعة يمكن فيها تركيب توربينات الرياح. وفي بعض الحالات، قد يكون من الممكن استخدام التطبيقات الملائمة لمحطات الغاز الحيوي و/أو محطات الجمع بين الطاقة الكهربائية والحرارة. في ضوء الارتفاع الحالي لأسعار الطاقة، يُمثّل إنشاء الشركات لمرافق طاقة متجددة خاصة بها قيمةً تجاريةً كبيرة، وسيساعدها ذلك على تحقيق وفورات كبيرة في تكاليف الطاقة، فضلاً عن جعلها متحكمةً أكثر بالطاقة، مما يجعلها أكثر مرونة وصمودًا في مواجهة الاضطرابات المستقبلية في إمدادات الطاقة.
يُستحسن في كثير من الأحيان التعاون مع شركات أخرى للتعامل مع هذه المسائل ودراسة كيفية إيجاد حلول مشتركة، إذ تُعد التحالفات بين الشركات والحكومات والجمعيات والجهات المعنية الأخرى طرقًا مجدية لتأمين الوصول إلى الطاقة المتجددة، على سبيل المثال، من خلال الاستثمارات في مشاريع الهيدروجين الأخضر الأفريقي، والتحالفات التي يتم تأسيسها في النسخة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أو على شكل محطات افتراضية للطاقة المتجددة. لمعرفة المزيد عن كيفية تنفيذ استراتيجية الاستدامة، يرجى الرجوع إلى مقالتنا حول "
الضغوط المتصاعدة والفرص الناشئة: حان الوقت الآن لإطلاق العنان لإمكانات العمل المناخي في استراتيجية أعمالكم ". أو يمكنكم التوجه إلى
هذه الصفحة لاكتشاف الطرق التي يمكننا بها دعم شركتكم لتأمين الوصول إلى الطاقة المتجددة وتطوير استراتيجية طاقة ملائمة للمستقبل.